نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 386
بها للتبكيت لا غير. وذلك أنهم لم يعملوا إلا التكذيب، فلا يقدرون أن يكذبوا ويقولوا قد صدّقنا بها وليس إلا التصديق بها أو التكذيب. ومثاله أن تقول لراعيك- وقد عرفته رويعي سوء-: أتأكل نعمى، أم ماذا تعمل بها؟ فتجعل ما تبتدئ به وتجعله أصل كلامك وأساسه هو الذي صحّ عندك من أكله وفساده، وترمى بقولك: أم ماذا تعمل بها، مع علمك أنه لا يعمل بها إلا الأكل، لتبهته [1] وتعلمه علمك بأنه لا يجيء منه إلا أكلها، وأنه لا يقدر أن يدعى الحفظ والإصلاح، لما شهر من خلاف ذلك. أو أراد: أما كان لكم عمل في الدنيا إلا الكفر والتكذيب بآيات الله، أم ماذا كنتم تعملون من غير ذلك؟ يعنى أنه لم يكن لهم عمل غيره، كأنهم لم يخلقوا إلا للكفر والمعصية، وإنما خلقوا للإيمان والطاعة: يخاطبون بهذا قبل كبهم في النار ثم يكبون فيها، وذلك قوله وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ يريد أن العذاب الموعود يغشاهم بسبب ظلمهم. وهو التكذيب بآيات الله، فيشغلهم عن النطق والاعتذار، كقوله تعالى هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ.
[سورة النمل (27) : آية 86]
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)
جعل الإبصار للنهار وهو لأهله. فإن قلت: ما للتقابل لم يراع في قوله لِيَسْكُنُوا ومُبْصِراً حيث كان أحدهما علة والآخر حالا؟ قلت: هو مراعى من حيث المعنى، وهكذا النظم المطبوع غير المتكلف، لأن معنى مبصرا: ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب.
[سورة النمل (27) : آية 87]
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (87)
فإن قلت: لم قيل فَفَزِعَ دون فيفزع؟ قلت: لنكتة وهي الإشعار بتحقق الفزع وثبوته وأنه كائن لا محالة، واقع على أهل السماوات والأرض، لأنّ الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به. والمراد فزعهم عند النفخة الأولى حين يصعقون إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة، قالوا: هم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت- عليهم السلام. وقيل: الشهداء. وعن الضحاك: الحور، وخزنة النار، وحملة العرش. وعن جابر: منهم موسى عليه السلام، لأنه صعق مرّة. ومثله قوله تعالى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ. وقرئ: أتوه. وأتاه. ودخرين، فالجمع [1] قوله «لتبهته» أى تدهشه وتحيره (ع)
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 386